الغضب على الأطفال
تؤثر حالات الغضب المتكررة من قبل الوالدين على الأطفال بشكل سلبي على نموهم العاطفي و المعرفي.. مع مرور الوقت يجد الآباء أن أطفالهم غير قادرين على الارتباط عاطفياً بهم و لم تعد لديهم الرغبة بقضاء أوقات خاصة معهم.
يتوقف الطفل الذي يعاني من غضب أهله عليه عن مشاركة مشاكله معهم و البوح بمشاعره ، و يتوقف عن التعبير اللفظي و غير اللفظي عن هذه المشاعر.
و لأن الوالدين هم قدوة الطفل، فإن مواقف غضبهم المتكررة تؤدي إلى أن يتقمص الطفل حالة الغضب بشكل لا واعي و يتحول تدريجياً إلى شخصية غاضبة.
و لأن النمو المعرفي و العاطفي يكون غير مكتملاً في مرحلة الطفولة ، فقد يترجم الطفل غضب أهله بشكل خاطئ.. فيظن أنهم يكرهونه.. و يؤدي ذلك إلى تدني في مفهوم الذات ، اضطراب في التقدير الذاتي ، بالإضافة إلى زيادة فرص الإصابة بالعديد من الاضطرابات النفسية عند الكبر.. و من أمثلة هذه الاضطرابات النفسية المخاوف المرضية، اضطرابات الأكل، اضطرابات الشخصية ، الاكتئاب و القلق
يجب علينا الحذر .. فغضب الأهل المتكرر على الطفل ليس نهاية لنقاش حاد.. بل إنه البداية للعديد من المشكلات.
و لكن لنتفق أنه لم يفت الأوان.. ولم نتأخر .. يمكننا ابتداء من اليوم اتخاذ القرار.. لن أغضب على أطفالي و أنا أقدر على ذلك … و إن غضبت سوف أعتذر منهم.
القدوة
أولى الخطوات التي نبدأ بها في تعليم الطفل إدارة الغضب هي تقديم القدوة الجيدة له.
يجب أن يرى الطفل في أهله أشخاصاً ناضجين في التعامل مع مشاعرهم السلبية و مواقف غضبهم.
من المفيد أن يناقش الوالدان طفلهم في مشاعرهم. مثال : أم تشعر بالغضب و تتصرف بشكل عصبي ، من الجيد أن تخبر طفلها أنها غاضبة الآن و تفضل أن تحصل على وقت هادئ لوحدها ، بدلاً من الصراخ عليه و هو لا يدرك ماذا يحصل و لماذا ..
عندما يتحدث الأهل مع الطفل عن مشاعرهم سوف يساعده ذلك في التعرف على مشاعره الخاصة و الاعتراف بها.
الاعتذار من الطفل عند الغضب هو وسيلة من وسائل تقديم نموذج و قدوة جيدة .. و لكن يجب علينا الانتباه .. فالغضب اليومي المتكرر ثم الاعتذار اليومي المتكرر يفقد الاعتذار أهميته.
أهل قادرون على التحكم بغضبهم و تقبل مشاعرهم هم قدوة جيدة للطفل، تساعده على فهم مشاعره الغاضبة و تقبلها و إدارتها بالشكل السليم
بين الشعور و السلوك
ثاني الخطوات لتدريب الطفل على إدارة غضبه هي تدريبه على التفريق بين مشاعره و سلوكه. يواجه الأطفال صعوبة في التمييز بين مشاعر الغضب و السلوك العدواني.
مهمة الأهل هي تدريب الطفل منذ الصغر على التعرف على مشاعرهم و تسميتها.. ثم تدريبهم على التعرف على السلوكيات التي تصاحب تلك المشاعر ثم تصنيفها و ترتيبها.
مثال (ندرب الطفل على أنه من الطبيعي و من المقبول أن يشعر بالغضب، و لكن من غير الطبيعي و من غير المقبول أن يعبر عن هذا الغضب بالضرب).
إن تدريب الطفل على هذه الفكرة يساعده على اكتساب مهارة نفسية مهمة طوال حياته .. و هي مهارة إدراك المسافة بين الشعور و السلوك.
قوانين البيت
ثالث الخطوات لتدريب الطفل على إدارة غضبه هي وضع قوانين و قواعد خاصة بالأسرة و المنزل.
كأن يضع أفراد العائلة في جلسة عائلية خاصة قواعد و قوانين تتعلق بسلوكيات الغضب و إدارتها للكبار و الصغار.

من أمثلة هذه القوانين:
ممنوع رفع الصوت أمام الأهل. .
ممنوع تكسير الممتلكات و أشياء المنزل. .
ممنوع الضرب.
ممنوع إغلاق الأبواب بشدة عند الغضب.. و غيرها من الأمثلة التي تحد من ممارسة السلوكيات الخاطئة المصاحبة لشعور الغضب.
و في المقابل يتم وضع قوانين من نوع آخر تساعد الطفل على استبدال تلك الممنوعات بسلوكيات مقبولة.
مثال كأن تحدد الأسرة في المنزل مكاناً خاصاً أو زاوية معينة يلجأ إليها الطفل عند شعوره بالغضب.. إنها ليس زاوية عقاب ، بل هي تقنية سلوكية فكرية تستخدم في علم النفس لتدريب الطفل على أن يتحكم بسلوكه و مشاعره من خلال أفكاره الهادئة. .
من المهم أن تمتلك كل عائلة قوانينها الخاصة فيما يتعلق بمشاعر الغضب و إدارتها حتى نصل بالأطفال إلى مرحلة يتحكمون عندها بغضبهم بطرق سليمة و سوية.
البدائل
تعليم الطفل البدائل هي آخر خطوات تدريب الطفل على إدارة الغضب.
فمثلاً بدلاً من أن نطلب من الطفل أن يتوقف عن ضرب الباب عند شعوره بالغضب علينا أن نعلمه على إيجاد بدائل سليمة عند الغضب.
سؤال بسيط نوجهه للطفل (تعال نفكر معاً . ماذا يمكنك أن تفعل بدلاً من ضرب الباب لتهدئة غضبك؟

سوف نتوصل من خلال هذا الحوار إلى إيجاد مجموعة من البدائل تناسب الطفل.
ثم بعد ذلك نقوم بإحضار صندوق و نملؤه بالأشياء التي تم اقتراحها أثناء الحوار مثل (أوراق و أقلام تلوين ، كرة مطاطية، مكعبات، قصص).
ثم نضع هذا الصندوق في المكان المخصص لتهدئة الغضب. و عندما يشعر الطفل بالغضب و مع استمرار التدريب سوف يتوجه الطفل إلى هذا المكان و استخدام البدائل التي تم اقتراحها و وضعها في الصندوق.
علينا أن نتذكر أن الأمر يحتاج وقتاً و تدريباً متواصلاً، و لكن النتائج تستحق.