كيف أطور عند طفلي مشاعر الرضا عن الحياة؟
1. أن أتحدث معه عن قيمة مهنتي و دوري في الحياة
نادراً ما يخطر ببالنا أن نتحدث مع الطفل و نحاوره حول قيمة ما نفعله و أهدافنا من وراء أعمالنا.
إن كنت تمارس مهنة الطبيب مثلاً، فمن المفيد أن تتحدث مع طفلك عن هدفك من القيام بهذه المهنة و قيمك في العطاء و مساعدة الناس و شفاء المرضى.
أو إن كانت مهنتك ربة منزل, احرصي على التحدث مع أطفالك ذكوراً و إناثاً عن قيمة هذا الدور و أهميته و أهدافك من ورائه و قيمك الخاصة التي تحملينها في رأسك حول هذا الدور.
إن التحدث مع الطفل عن أدورانا في الحياة و أهدافنا منها و فوائدها علينا هو خطوة مهمة و فعالة جداً في تعزيز مفهوم الرضا عن الحياة عنده.
2. مناقشته في كل ما يرى و يسمع و يشاهد
من أهم الخطوات في تطوير مفهوم الرضا عن الحياة عند الطفل أن نتناقش معه حول تفاصيل الأشياء و الخبرات من حوله…
لماذا؟
من أجل تطوير مهارة الانتباه إلى التفاصيل و إدراك وجودها و قيمتها و تأثيرها في حياته ..
و لكن عند النقاش لا يكفي أن نسأل سؤالاً مغلقاً إجابته نعم أو لا (هل أعجبك الوقت الذي أمضيناه في زيارة بيت جدك؟).
بل يجب أن يكون نقاشاً قائماً على أسئلة مفتوحة مثل (ما هي المشاعر التي اختبرتها في تلك الزيارة؟ لماذا؟ كيف عبرت عن هذه المشاعر؟ ماذا تقصد بهذه الجملة؟……) و غيرها من الأسئلة المفتوحة التي تغني الحوار و تساعد الطفل على إدراك قيمة الأشياء الصغيرة و الانتباه إلى أدق التفاصيل.
مع كل حوار مع الطفل بعد كل تجربة أو موقف سيتكون لدى الطفل مخزون من الأفكار و المعتقدات الإيجابية التي تساعده على تطوير نظرة راضية نحو مواقف الحياة ..
3. تدريب الطفل على أن يفعل
كيف ؟ و لماذا؟
إن الحماية المفرطة للطفل بحجة الخوف عليه ترفع عنده درجة الاعتمادية و الاتكالية و تخفض درجة الاستقلالية.
و إن انخفضت استقلاليته انخفضت معها شجاعته على التجريب..
و كما تحدثت سابقاً تعتبر الشجاعة على تجريب الخبرات الجديدة عاملاً مهماً في رفع نسبة الرضا عن الحياة.
و بالتالي إن انخفضت شجاعة الطفل على التجريب و زادت اتكاليته أدى ذلك بشكل غير مباشر في خفض درجة رضاه عن الحياة.
لذلك من الضروري إفساح المجال للطفل ليجرب و يكون شجاعاً و منفتحاً على تجريب ما لم يعتد عليه من قبل. و الابتعاد عن حمايته تلك الحماية المفرطة و القيام بأغلب الأفعال نيابة عنه..
اسمحوا له أن يجرب.. اسمحوا له أن يفعل .. فكل تجربة جديدة و كل فعل جديد يضيف إلى حياته قيمة و معنى.. و من هذا المعنى تتكون لديه نظرة راضية عن الحياة.
لا تخافوا من فشل أطفالكم ، و لا تخافوا على أطفالكم من الفشل…. فالفشل خطوة ضرورية و مهمة في طريق التقدم و الرضا.
4. أن أقدِّره حتى يتعلّم أن يُقدِّر
من أجل رفع درجات الرضا عن الحياة عند الطفل، من المهم أن نقدم له التقدير حتى يتعلم أن يقدر الآخرين من حوله و تفاصيل الأشياء.
حين نشجع الطفل على سلوك جيد قام به أو كلمة جيدة استخدمها في حديثه سيشعر بقيمة نفسه و تقديرها.
أنا هنا لا أتحدث عن المديح بل عن التشجيع.
مديح الطفل يؤدي إلى شعوره بالسعادة و لكن تشجيعه يؤدي إلى شعوره بالتقدير.
ما الفرق بين المديح و التشجيع؟
حين يعود الطفل إلى المنزل و يخلع ملابسه و يعلقها في الخزانة..
أحسنت شاطر (هذا مديح).
أحببت كيف أنك كنت حريصاً على أن تخلع ملابس المدرسة فور وصولك إلى المنزل , و أحببت الطريقة التي رتبت فيها الملابس في الخزانة. أحببت استقلاليتك في ذلك دون أن تطلب مساعدتي. شكراً لجهودك. (هذا تشجيع).
تشجيع الطفل يجعله يشعر أنه ذو قيمة كبيرة و يساعده على الانتباه إلى تفاصيل الأشياء و مجهودات الآخرين من حوله فيقدرها و تتشكل لديه نظرة إيجابية تفصيلية عن الأمور من حوله فتزيد معها درجة رضاه عن الحياة.
لا تستهينوا ببناء هذه المشاعر و تعزيزها في نفوس أطفالكم لأنها تترك أثاراً إيجابية عظيمة في شخصياتهم.
5. أن أدربه على تطوير مهاراته الاجتماعية
يعتبر الجانب الاجتماعي عنصراً مهماً من جوانب الرضا عن الحياة.
لذلك تلعب علاقات الصداقة و الحياة الاجتماعية في حياة الطفل دوراً هاماً في وضع حجر الأساس في تطوير درجة رضاه عن الحياة.
من أجل رفع درجة الرضا عن الحياة, تشير الدراسات إلى أن أهم مهارة اجتماعية يجب تعليمها للطفل في بداية الأمر هي مهارة التعاطف مع الآخرين.
أي أن يفهم الطفل مشاعر الآخرين و يتقبل اختلافهم في الرأي و الشكل و اللون و الدين و يحترم هذا الاختلاف.
يتم بناء هذا المهارة من خلال ثلاثة عوامل:
- النمذجة: أي أن يلعب الوالدان دوراً جيداً كقدوة للطفل في احترام اختلاف الآخرين و التعاطف معهم.
- الاستماع: أن ندرب الطفل على احترام حديث الآخر و الاستماع له دون مقاطعة و هنا يجب بالطبع أن نمارس ذلك معه. أن نحترم حديثه و نستمع له حتى النهاية حتى يتمكن من الاقتناع بأهمية هذه المهارة و يتشجع على تعلمها و تطبيقها.
- الحوار: من خلال التحدث مع الطفل و مناقشته حول مواقف مختلفة من يومه و التحدث معه عن مشاعر الآخرين في هذه المواقف و مناقشتها و طرح الأسئلة المفتوحة حولها و الاستماع لرأي الطفل و إجاباته باهتمام.
حين تتطور مهارات الطفل الاجتماعية، تتحسن علاقاته مع الآخرين.. و يتحسن معها مستوى رضاه عن الحياة .
سأتحدث في المستقبل القريب إن شاء الله بشكل مفصل و دقيق عن مهارات الطفل الاجتماعية و تطويرها
و بهذه الكلمات نكون قد وصلنا إلى ختام الحديث عن موضوع الرضا عن الحياة.
دامت حياتكم و نفوسكم مليئة بالرضا..