تربية طفل سعيد
إنها في الحقيقة رحلة من التربية الممتعة لكنها ليست رحلة سهلة أو عشوائية.
قطعة شوكولا, لعبة ملونة أو مشاهدة فلم كرتوني تمنح الطفل بالتأكيد مشاعر السعادة و لكنها لا تجعل منه طفلاً سعيداً.
في الحقيقة هناك أشياء في الحياة أكثر أهمية و أكثر عمقاً و أكبر تأثيراً في شعور السعادة لدى الطفل.
سوف أتحدث عن أهم العوامل و النقاط التربوية و النفسية التي تلزمك من أجل تربية طفل سعيد.
كيف نربي طفلاً سعيداً؟
1. بناء علاقة آمنة مع الطفل
العلاقة الآمنة مع الأهل هي أن يدرك الطفل أنه في أمان مهما حصل له، و أنه محبوب من قبل والديه حباً غير مشروط بسلوك جيد أو علامة عالية في المدرسة.
هي أن يعلم الطفل أنه سيجد الحل عند والديه فور تعرضه لأي مشكلة أو موقف سلبي.
هي حاجة الطفل إلى الأمان التي يتم إشباعها من قبل الوالدين في كل الأوقات و تحت كل الظروف.
هذه العلاقة الآمنة هي أحد العوامل التي تشعر الطفل بالسعادة.. السعادة الحقيقية التي تدوم وقتاً أطول من السعادة المؤقتة التي يشعر بها عند حصوله على قطعة شوكولا.
هذا لا يعني أن الطفل لا يشعر بالسعادة عند تلبية رغباته المادية, و لكن هذه السعادة لحظية مؤقتة و غير عميقة. أما العلاقة الآمنة مع والديه هي الأساس الذي يجعل منه كائناً سعيداً.
كيف يتم بناء هذه العلاقة الآمنة مع الطفل؟
- التواصل البصري مع الطفل أثناء التحدث إليه.
- التحدث إليه بنبرة صوت لطيفة هادئة و محبة.
- عدم ضربه مهما أخطأ.
- عدم مقارنته بإخوته أو أقرانه أو حتى بنفسه حين كان أصغر عمراً.
- قضاء أوقات نوعية معه بعيداً عن المشتتات.
- الكرم في تقديم القبلات و الاحتضان.
- دعمه و مساعدته على الحل عند كل مشكلة يتعرض لها.
- تفهم مشاعره و تقبلها مهما كانت سلبية.
باختصار ما يمنح الطفل شعور السعادة هي التعبير عن فطرة الحب التي وضعها الله في قلب الأبوين دونما شروط.
2. التمكن من إنجاز مهمة أو مهارة معينة و التميز بها
و لذلك ينصح الأهل دائماً باكتشاف المواهب لدى أطفالهم و تشجيعهم على ممارستها.
فالطفل الذي يبرع في الرسم, سيشعر بسعادة كبيرة حين يدرك تميزه في هذه الناحية و حين يرى تشجيع والديه على ممارسة هذه الموهبة.
و لكن من المهم التركيز هنا على نقطة مهمة و هي:
إن اكتشفت موهبة في طفلك, ساعده على الاستمتاع بها حتى لو أخفق. فالسعادة هنا لا تكمن في النجاح و لكن في التفاصيل و في الخطوات التي يخطوها الطفل نحو النجاح.
فالطفل الذي يبرع في كرة القدم مثلاً يشعر بالسعادة بتشجيع والديه على هذه الموهبة, و شراء ملابس الفريق, و الذهاب إلى التدريبات.. يشعر بالسعادة في التفاصيل و الخطوات في ممارسة هذه الموهبة أكثر من سعادته بالفوز في مباراة.
و لذلك إن خسر في إحدى المباريات فلا ينخفض مستوى سعادته بموهبته. فنحن نربي فيه الموهبة و احترام و تقدير خطواته في ممارستها , و لا نربي فيه السعادة المشروطة بالنجاح فقط.
3. تعليم الطفل على التفكير بعقلية التفاؤل
تعليم الطفل على التفكير بعقلية التفاؤل هو من أهم العوامل التي ترفع مستوى السعادة عنده.
عندما نبدأ بتدريب الطفل على النظرة التفاؤلية للأمور فإننا نخفض من احتمالية تعرضه للاكتئاب في المستقبل عندما يصبح راشداً.
تشير الدراسات النفسية أن الأطفال الأكثر تفاؤلاً هم:
- أكثر نجاحاً في المدرسة .
- أكثر نجاحاً في تكوين الأصدقاء و الحفاظ على هذه الصداقات.
- أكثر صحة بدنية.
- أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب و القلق.
- أكثر سعادة.
كيف ندرب الطفل على التفاؤل؟
- القدوة الجيدة: عندما تكونين أماً كثيرة التذمر و الشكوى أمام الطفل فأنت تزرعين فيه كثرة التذمر دون قصد. كلما كنت أكثر تفاؤلاً و أكثر إيجابية بمعالجة الأمور كلما كان طفلك كذلك.
- تدريب الطفل على الامتنان: و ذلك بمساعدة الطفل و توجيهه للتركيز على الأمور الإيجابية و الانتباه إليها بوعي و الامتنان لها, مهما كانت بسيطة. (يمكن أن يكون ذلك بسؤال بسيط في نهاية اليوم: ما هي أجمل الأشياء التي حصلت معك اليوم؟)
- منح الطفل الاستقلالية و تدريبه على ممارسة بعض المهمات بمفرده. حين يختبر الطفل الاعتماد على نفسه ثم ينجح في أداء هذه المهمة فإن هذا يطور عنده عقلية التفاؤل.
- تدريب الطفل على الحديث الذاتي الإيجابي: فكلما تدرب الطفل على قمع صوت الانتقاد في داخله و استمع لصوت الدعم كلما تعود على عقلية التفاؤل (بدلاً من أن يقول في نفسه أنا لست جيداً في التحدث أمام الأصدقاء.. تدريبه على استبدال العبارة بعبارة ثانية : تنقصني بعض المهارات لأصبح أكثر جرأة في التحدث, سأتدرب عليها , و سأصبح أفضل).
و تذكري دائماً أننا نحصل على السعادة حين نقرر ذلك, دربي طفلك على أن يقرر أن يكون سعيداً.
4. التواصل مع الطبيعة
ألوانها و تفاصيلها و أجزاؤها الجميلة هي مصادر كبيرة للسعادة.
حين ندرب الطفل على أن يتواصل مع الطبيعة أكثر من تواصله مع شاشة التلفزيون فنحن نربيه على أن يكون سعيداً.
لماذا؟
لأن تواصل الطفل مع الطبيعة يحفز عمل حواسه الخمسة معاً و ينشط دماغه و ينمي قدرته على التفكير و التأمل و المراقبة. كما أن ذلك يساعده على الانتباه لتفاصيل الجمال و الامتنان لها.
ويتم ذلك من خلال:
- تدريب الطفل على ملاحظة جمال بياض الثلج و اللعب به و المشي فوقه و الانتباه لصوته أثناء المشي عليه.
- تدريب الطفل على الانتباه لجمال ألوان أزهار الربيع و جمال رائحتها و روعة خضرة الأشجار ..
- تدريب الطفل على الاستمتاع بجمال شمس الصيف و رائحة نسيم الليل في الصيف..
- تدريب الطفل على الانتباه لجمال ألوان أوراق الشجر في الخريف..
و غيرها الكثير من التفاصيل الرائعة في الطبيعة التي تمنح الطفل فرصة كبيرة لأن يكون طفلاً سعيداً.
1 تعليق
حلو