صورة الجسد عند الطفل
تبدأ صورة الجسد بالتشكل في عمر الطفل منذ السنوات الأولى.
تشير الأبحاث إلى أن الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم الثلاث سنوات يمكن أن يعانوا من مشاكل في صورة الجسد.
ما هي العوامل التي تؤثر على صورة الجسد لدى الطفل؟
هناك العديد من الأشياء التي تؤثر على الطريقة التي يرى الطفل بها نفسه. و بالطبع تلعب الأسرة في سنوات الطفولة الأولى دوراً كبيراً في تشكيل صورة الجسد لدى الطفل. يمكن للوالدين أن يلعبوا دورًا حاسمًا في مساعدة الأطفال على تكوين صورة جسدية إيجابية واحترام الذات (كيف ترى نفسك وتشعر حيال نفسك).
يستطيع الطفل أن يمتص طريقة والديه في التعامل مع أجسادهم بطريقة كبيرة و تقليدها و تقمصها.
لذلك يجب على الأهل الانتباه إلى كلماتهم تجاه أجسادهم أمام أطفالهم, فتعامل الأهل مع أجسادهم تشكل المعتقدات المعرفية لدى الطفل تجاه جسده.
من الأمثلة الخاطئة التي يقوم بها الأهل دون أن ينتبهوا و من شأنها أن تؤثر سلباً على صورة الجسد لدى الطفل:
- يجب أن يكون جسدي مثاليا.
- لست راضيا عن جسدي.
- الجسم المثالي سيجعلني سعيداً.
- الجسم المثالي سيجعلني مقبولاً من الآخرين.
- الجسم المثالي هو طريقي حتى يحبني الآخرون.
علامات صورة الجسد السلبية لدى الطفل
غالبًا ما ترتبط صورة الجسم السيئة بالفتيات ،إلا أنه في الحقيقة لا يقتصر الأمر على الإناث فقط. بل يمكن أن يعاني الأطفال الذكور من صورة جسد سلبية. يمكن أن يشعروا كما لو أنهم لا يملكون ما يكفي من العضلات أو البنية الجسدية القوية، أو أنهم لا يملكون الطول الكافي أو أنهم يمتلكون وزناً زائداً.
كيف أعرف أن طفلي يعاني من صورة جسد سلبية؟
إن معرفة العلامات التحذيرية لصورة الجسم غير الصحية عند الأطفال يمكن أن تساعد الآباء على تحديد المشاكل مبكرًا و معالجتها.
ما هي هذه العلامات التحذيرية؟
- يرى الطفل نفسه من خلال جسده و مظهره الخارجي فقط.
- اللغة التي يستخدمها الطفل لوصف نفسه هي لغة قائمة فقط على جسده.
- المبالغة في اتباع نظام صحي أو رفض بعض المأكولات بحجة تأثيرها على الوزن.
- الانتباه على أجساد الأطفال الآخرين و التعليق عليها.
- عدم القدرة على رؤية النواحي الإيجابية في شخصيته.
- انخفاض احترام الذات.
حين يكتشف الأهل وجود مشكلة في صورة الجسد لدى الطفل لا بد من التعامل معها بشكل صحيح و معالجتها و مساعدة الطفل على تطوير صورة جسد إيجابية.
أقدم لكم الآن بعض الطرق العملية التي تساعد الأهل في تكوين صورة جسد إيجابية:
القدوة
تأثير القدوة في موضوع صورة الجسد تأثير كبير ككل المواضيع.
تعزيز صورة جسد طفلك يبدأ من تعزيز صورة جسدك.
على الرغم من أن بعض الأهل قد يمتلكون صورة جسد سلبية إلا أنه من الضروري أن يبدؤوا بأنفسهم و العمل على التصالح مع أجسادهم حتى يصبحوا قادرين على نقل هذه العلاقة الصحية مع الجسد إلى أبناءهم.
قد يكون من الصعب أن يعدل الأهل بأنفسهم صورة الجسد, إلا أن التحكم بالسلوك أمر سهل.
كيف؟ إليكم بعض الأمثلة التطبيقية:
- أن تجرب الأم مثلاً أن تضع مساحيق التجميل على وجهها رغم أنه مليء بالحبوب, و عدم التذمر من منظر الحبوب أمام طفلتها.
- أن يجرب الأب أن يرتدي قميصاً ضيقاً رغم بعض الوزن الزائد دون التذمر من هذا الوزن أمام الطفل.
- أن ترتدي الأم ما يعجبها من الملابس رغم وجود بطن بارزة بسبب الحمل.. و عدم التعبير أمام الطفل عن الانزعاج من هذه البطن البارزة.
ببساطة, أن يكون الأهل قدوة أمام أطفالهم في ما يتعلق بالعلاقة مع أجسادهم, هي ممارسات سلوكية بسيطة تعزز صورة الجسد الإيجابية لدى الطفل, كما أنها في الوقت نفسه خدعة بسيطة لدماغ الأهل أنفسهم تمكنهم من التدرب على تحسين العلاقة مع الجسد بشكل غير مباشر.
أداة و ليس هدف
كيف نشكل الطريقة التي يرى بها الطفل جسده؟
الأمر بسيط.. حين ندرب الطفل على أن الجسد هو أداة و ليس هدف. أداة للتعبير عن المشاعر.. أداة للحركة.. أداة للتواصل و الاتصال.
يتم تدريب الطفل على تكوين هذه العلاقة مع جسده من خلال:
- الرياضة و الاهتمام بالأنشطة و الألعاب الحركية.
- الامتنان للنعم التي يمتلكها الطفل في جسده كنعمة الحواس و نعمة الأطراف.
- الاهتمام بالغذاء الصحي و الحفاظ على صحة الجسد من مبدأ تدريب الطفل على أننا نعتني بأجسادنا حتى نصبح أقوى. لا حتى نصبح أجمل.
- تدريب الطفل على احترام الاختلاف مع الأشخاص ذوي الاحتياجات الجسدية الخاصة.
- تعزيز الثقة بالنفس من خلال صحة الجسد و ليس من خلال جماله.
إن تربية الطفل على احترام جسده لأنه أداة تربطه بالحياة لا على أنه غاية لتحقيق الرضا, يلعب دوراً كبيراً في تعزيز صورة جسد إيجابية لدى الطفل.
الفخر
شعور الفخر من أكثر المشاعر التي تعزز الثقة بالنفس لدى الطفل.
عندما يعزز الأهل شعور الفخر لدى الطفل من خلال تشجيع السلوكيات الإيجابية التي يقوم الطفل بها, يقومون بشكل غير مباشر بتعزيز صورة جسد إيجابية.
فالتركيز على تفاصيل السلوك الجيد و تفاصيل الجهد الذي يبذله الطفل في كل تصرف يقوم به يلعب دوراً كبيراً في خلق علاقة إيجابية بين الطفل و نفسه. كما أنه يؤثر بشكل بالغ الأهمية في بناء تقدير ذات مرتفع لدى الطفل.
و من المهم عند قيام الطفل بسلوك جيد أن نركز على القول التالي :
لا بد و أنك تشعر بالفخر.. من حقك أن تكون فخوراً بنفسك.. لو كنت مكانك لشعرت بالفخر.
بدلاً من قول أنا فخور بك..
أن يعرف الطفل أن أهله فخورون به هو أمر مهم, و لكن الأهم أن ندرب الطفل على أن يجرب مشاعر الفخر بنفسه.
و حين يختبر الطفل شعور الفخر بنفسه نتيجة قيامه بتصرفات و سلوكيات جيدة, سوف تكبرمعه هذه الطريقة في معالجة الأمور. فبدلاً من أن يشعر بالفخر لأنه جميل, سيشعر بالفخر لأنه قام بسلوك جيد.. و الفرق كبير.