لا تشفق تعاطف
- بناء علاقة عاطفية مع نفسك قائمة على اللطف هو أمر ضروري و هام للتوازن النفسي و العاطفي، و هي مهارة نمتلكها بالتدريب تحمينا من أمراض نفسية عديدة كالاكتئاب و اضطرابات القلق.
و لكن انتبه.. إياك و الشفقة على نفسك.. فالشفقة على النفس هي مجموعة من المشاعر السلبية المؤذية جداً لصحتك النفسية.
يتطلب التعاطف مع النفس امتلاك المفاتيح التالية:.
الانتباه لمشاعرك مهما كانت عميقة و ملاحظتها بدقة مع كل موقف.
التفهم الكامل لهذه المشاعر و تقبلها مهما كانت سلبية.
استبدال الأحكام القاسية على النفس و جلد الذات بالاحتواء و التعاطف و الحب غير المشروط لنفسك.
- بماذا يفيد التعاطف مع النفس؟.
يمنحك فرصة لضبط الأفكار الناتجة عن المشاعر السلبية و توجيها بالاتجاه السليم الداعم للذات.
- مثال لتوضيح كل ما سبق ذكره.
صار معك مشكلة بالعمل تسببت بخصم جزء من راتبك و توقيف عن العمل لمدة أسبوع مثلاً نتيجة خطأ ارتكبته لأنك ما كنت مركز بالمهمة اللي كنت عم تشتغل عليها) . شو المشاعر اللي ممكن ترافق هالموقف؟.
كتير من المشاعر السلبية متل الحزن و الشعور بالذنب و الندم على قلة التركيز و ممكن يوصل فيك الموضوع لمشاعر حقد على حالك. - طيب…شو التصرف الصح للتعامل مع النفس بهاد الموقف و شو التصرف الخطأ؟.
الخطأ هون إنك تشفق على حالك و تقول مثلاً أنا شخص مالي حظ.. طول عمري معتر و المصايب عم تلحقني.. و تشوف حالك بالمراية شخص ضعيف يستحق الشفقة.
طيب و شو الصح؟.
هون الزبدة من كل الفكرة.
الصح إنو تنتبه للمشاعر السلبية اللي عم تحس فيها .. تتركها تطلع.. عبر عن حزنك و زعلك و عن شعورك بالندم حتى.. و لكن لا تترك هالمشاعر تسيطر عليك.. أنت سيطر عليها.. و افهمها و تقبلها و اعطيها وقت تطلع و بعدين تروح لما تخلص. لا توجه لحالك كلام مؤذي متل أنا غبي أو فاشل أو عديم التركيز أو أو أو…
حسس حالك إنك قريب من حالك .. فهمان مشاعرك صح.. متقبلها.. و قدم لحالك وعد إنك رح تكون السند لحالك لحتى تتجاوزوا الموقف سوا.
انتهى المثال
- هذه الطريقة في التعامل مع النفس في هذا المثال و كتير من الأمثلة المشابهة تساعدنا على أن نتعاطف مع أنفسنا و ندعمها بدلاً من أن نقدم لها مشاعر الشفقة التي لا تفعل شيئاً سوى أن تزيد الموقف سوءاً.
مواجهة الازمة
العديد من المشاعر السلبية تتولد لدينا مع كل أزمة نتعرض لها.
كيف نواجه الأزمات؟
أن نهرب منها؟ بالطبع لا .. فالهروب هو أزمة أخرى تضاف للأزمة الحالية..
إذاً .. كيف نواجه الأزمة بأقل الخسائر؟؟؟
بالتعاطف مع النفس .
كيف؟.
أمل صبية تعرضت لتجربة انفصال عن زوجها.. و الانفصال أزمة من نوعين عاطفية و اجتماعية….
شو الأخطاء اللي ممكن توقع فيها أمل بالتعامل مع الأزمة؟
في عنا عدة احتمالات:
ممكن أمل تلوم نفسها و تعتبر إنو هيي السبب في الانفصال لأنها مو حلوة أو لأنها ما اهتمت بحالها و قصرت تجاه زوجها.
ممكن تتشكل عند أمل ردة فعل سلبية تجاه كل الرجال و مشاعر سلبية خاطئة تنتج عنها قرارات خاطئة تقضي على مستقبلها العاطفي.
كمان ممكن أمل تهرب من مواجهة الموقف و تمثل إنها قوية و متماسكة و هيي بالحقيقة لاء.. فاللي بصير إنو بعد فترة من الزمن بتوقع بأزمة أكبر من الأزمة الحالية نتيجة التجاهل و الإنكار.
طيب لكن شو الصح؟
الحل يا أمل هو ببساطة التعاطف مع نفسك
كيف؟
بالخطوات التالية:
تكون أمل لطيفة مع حالها و تتعامل مع المشاعر السلبية بتفهم ثم تقبل ثم مسامحة.
تشوف القصة من منظور إيجابي أو عالأقل حيادي غير سلبي.. يعني متل مو الزواج حالة اجتماعية فكمان الطلاق حالة اجتماعية ممكن كتير ناس يعيشوها.
تتعامل مع مشاعر الحزن الناتجة عن الانفصال بشكل صحيح متل ما قلت فوق بالتفهم و التقبل و المسامحة لكن بشرط تنتبه للزمن .. يعني ما تبقى العمر كله عم تتعامل مع هالمشاعر.. تترك المجال بعد فترة من الزمن لمشاعر جديدة إيجابية تخلق.
و ختام الحديث .. تذكر، تذكري أن التعاطف مع النفس هو الحل الأفضل في مواجهة الأزمة.
التعامل مع الفشل
التعاطف مع النفس لا يعني القبول بالفشل.
عاد طفلك من المدرسة بدرجات منخفضة في الامتحان.. ماهي ردة فعلك؟ ماذا ستقول له؟.
أنت غبي؟ لا تستطيع تحمل المسؤولية.
هذا طبعاً رد خاطئ و الكل يتفق على ذلك.
أو تقول له: أمر عادي لا تحزن .. المهم أنك سعيد و بصحة جيدة و الفشل في الامتحان لا يهم.
أيضاً هذا رد خاطئ و مدمر و سلبي حتى لو اعتقدنا أنه إيجابي.
إذاً ما هو الرد المتوازن السليم؟.
احتضان الطفل و التحدث معه على مستوى نظره مع الحفاظ على التواصل البصري و نقول: ما حصل هو أمر مزعج.. من الطبيعي أن تشعر بالحزن .. و مشاعرك طبيعية مناسبة للموقف.. سوف أساعدك لتتجاوز الفشل.. أنا واثق بقدرتك على النجاح في المرة القادمة.
تحليل بسيط للحوار السابق.. أثناء حديثك مع الطفل قدمت له التعاطف من خلال:
الاعتراف الصريح بالفشل.
الاعتراف بالمشاعر السلبية الناتجة عن الفشل.
تقبل المشاعر السلبية الناتجة عن الفشل.
تقديم الدعم و عرض المساعدة.
هذا المثال يوضح طريقة التعاطف مع الآخر في حالة الفشل.
و لكن ماذا عن نفسك؟. هل تتعاطف مع نفسك في حالة الفشل بنفس الطريقة؟
نعم تماماً و بنفس الخطوات:
قدم لنفسك اعترافاً صريحاً بالموقف الذي فشلت به.
اعترف بمشاعرك السلبية الناتجة عن الفشل.
تقبل هذه المشاعر السلبية و لا تنكرها أو تتجاهلها.
قدم الدعم لنفسك و اعرض عليها المساعدة لتتجاوز الفشل و قدم لها وعداً بالنجاح في المرة القادمة
بين التقدير و التعاطف:
ما الفرق بين تقدير الذات و التعاطف مع الذات؟
تقدير الذات هو تقييم إيجابي للنفس و حكم نطلقه على أنفسنا و يكون مرتفعاً في حالات النجاح ، و منخفضاً في حالات الفشل
أما التعاطف مع الذات فهو ليس حكماً أو تقييماً بل هو وسيلة مفيدة للتواصل مع النفس في كل الظروف حتى في حالات الفشل
مثال: فاطمة طالبة جامعية اعتادت النجاح و الحصول على علامات عالية في امتحاناتها حصل معها أمر سيء أدى إلى رسوبها واجهت فاطمة بسبب هذا الرسوب العديد من المشاعر السلبية
فاطمة أمام خيارين : طريق تقدير الذات أو طريق التعاطف مع الذات
إن لجأت إلى الخيار الأول (التقدير) فهذا يعني أنها ستواجه مايلي:
ستبدأ بإطلاق أحكام سلبية على نفسها
ستوجه إلى نفسها أحاديث و كلمات سلبية عن الفشل
لن تستطيع تقبل المشاعر السلبية الناتجة عن الفشل لأنها اعتادت على مشاعر النجاح
ستجد نفسها في النهاية أمام تقدير منخفض لذاتها و قدراتها
أما إن لجأت فاطمة إلى الطريق الثاني (التعاطف مع الذات) ستواجه مايلي:
سوف تتمكن من فهم الموقف جيداً و أن الأمر حصل و لا يمكن تغييره و لا بأس من تجربة فاشلة بشرط أن تستفيد منها في المرات القادمة
سوف تكون قادرة على تقبل المشاعر السلبية الناتجة عن الرسوب
ستوجه لنفسها كلمات تجعلها تشعر بالتحسن مثل (أنا بفهم ليش زعلانة ، و عادي ازعل بهالموقف و اللي صار ممكن يمر فيه أي إنسان لأنه النجاح و الفشل تجارب بشرية و أنا بشر أنا بوعد حالي إنو بس تخلص مشاعر الحزن أدعم حالي و كون أقوى و المرة الجاية إنجح)
خلاصة القول: تقدير الذات و التعاطف مع الذات هما تقنيتان تقومان على حديثنا مع أنفسنا و علاقتنا معها تقدير الذات هو الصديق الأقرب في أوقات النجاح أما التعاطف مع الذات فهو الرفيق و الشريك الأقرب و الأصدق في كل الحالات و تحت كل الظروف
لا تقلق لست انانياً
أن تتعاطف مع نفسك لا يعني أنك أناني
معظم الأمهات غارقات في دوامة من العطاء تخشى الأم من أن تكون أنانية إن منحت نفسها كما تمنح عائلتها
لا مكان للأنانية هنا فلا داعي للقلق
قام باحثون في جامعة تكساس بدراسة لمعرفة فيما إذا كان الناس المتعاطفون مع أنفسهم أكثر نجاحاً في علاقاتهم العاطفيةتم تطبيق التجربة على 150 زوج و زوجة
أظهرت النتائج أن الأزواج الذين يمتلكون درجات عالية من التعاطف مع النفس يمتلكون بالمقابل الصفات التالية في علاقاتهم العاطفية مع الشريك:
اللطف مع الشريك
تقبل الرأي الآخر و احترامه
احترام حرية الطرف الآخر
عدم التسلط أثناء النقاش
العقلانية و القدرة على التحكم بالغضب أثناء الشجار و الخلاف
أما على الطرف الآخر أظهرت النتائج أن الأزواج الذين يمتلكون درجات منخفضة من التعاطف الذاتي يتصفون بالصفات التالية في علاقاتهم العاطفية:
العدوانية و عدم القدرة على ضبط الانفعالات أثناء الخلاف
عدم القدرة على تقبل الرأي الآخر
عدم احترام حرية الطرف الآخر
عدم القدرة على التسامح مع أخطاء الشريك
خلاصة القول: لا تحرم نفسك من أن تعيش معها تجربة التعاطف الذاتي بحجة حرصك على مشاعر الآخرين فمراعاتك لمشاعر الآخرين يبدأ من مراعاتك لمشاعرك و سعادتك مع الآخرين تبدأ من سعادتك مع نفسك.
هرمون الحب
إن التعاطف مع النفس حقيقة واقع تظهر نتائجه على أجسادنا و دماغنا
تشير الدراسات العصبية أن مستويات إفراز هرمون الأوكسيتوسين ترتفع داخل الدماغ في حالات الهدوء النفسي و الرحمة و الترابط العاطفي
متى يتم إفراز هذا الهرمون؟
يتم إفرازه في عدة مواقف اجتماعية عاطفية
أمثلة:
أثناء عملية الولادة حيث أنه يساعد في تسهيل عملية المخاض و تحريك الجنين للخروج من عنق الرحم
عندما ترضع الأم طفلها
عندما يتفاعل الآباء و الأمهات مع أطفالهم من خلال الأحاديث الإيجابية أو اللمس أو العناق
ما هو هذا الهرمون؟
اسمه العلمي (أوكسيتوسين) و يطلق عليه اسم (هرمون الحب) لأنه يفرز في الجسم في مواقف الحب و العاطفة الشديدة يتم إنتاجه في منطقة(الهيبوثالاموس) في الدماغ ثم يتم إفرازه في مجرى الدم عن طريق الغدة النخامية الخلفية
ماذا يفعل هذا الهرمون؟
يؤثر بشكل إيجابي على سلوك الإنسان و يؤدي إلى الاسترخاء و ارتفاع مستوى الشعور بالثقة و زيادة مستوى التوازن النفسي كما و يقلل من التوتر و مستويات القلق
و بالعودة للحديث عن التعاطف مع النفس، تساعد هذه المهارة على زيادة إفراز هرمون الأوكسيتوسين في أجسامنا و بناءً على ما سبق ذكره عن أهمية هذا الهرمون، فإننا حين نتعاطف مع أنفسنا نعمل على زيادة إفراز هرمون الحب في أجسامنا و بالتالي ترتفع مستويات الهدوء و التوازن و نحصل على درجات عالية من الاستقرار النفسي و العاطفي
6 تعليقات
بتجنني انتي و اقتراحاتك و افكارك ??
شكراً شكراً من ذوقك و الله
شكرا دوام التوفيق
كلام منطقي وجميل …واستوقفتني جملة سعادتك مع الآخرين تبدأ من سعادتك مع نفسك … نفسي أحب نفسي لكني لا أعرف كيف ؟!
شكرا على جهودك. وشكرا على هالمقال الرائع الي عن جد يتخلينا نغير كتير افكار قديمة ومالها لزوم كنا متعودين عليها واهمها ان نعطي الحب لكل شي حوالينا ونتعاطف مع كل حدا بس ماعم نطبقها مع نفسنا لان فهمونا هي انانية.
كلامك روعة.. وكتير مفيد.. يسلم ايديكي 🌼